مقال:: محاولة لفهم علم وعالم السحرة


كمية من الاسئلة تدور في ذهن إي انسان وابسط هذه الاسئلة واكثرها منطقية لماذا لاتنفع علوم السحر الناس ولماذا لانرى ساحراً افاد البشرية بعلم  او بإختراع  او حتى بدواء , او ساهمت شياطينة في حل معضلات علمية ينال على اثرها شرف الحصول على جائزة نوبل , ولماذا هؤلاء السحرة اصحاب القدرات الخارقة عاجزين عن نفع انفسهم فضلاً عن غيرهم , انها اسئلة منطقية بحجم مانسمع وما نقرأ عن هذه الفئة التي تملك قدرات خارقة , فكل مستحيل وغير معقول اذا قلنا سحراً صدقناه وبهكذا تكون الاجابة مقنعة لدينا !!

منذ خلق الله الانسان على الارض والسحر ملازم للبشر فكل مجتمع لايخلو من وجود سحرة ومشعوذين وكتب تنشر تلك العلوم بما في ذالك المجمتعات المتقدمة  والتي قطعت شوطاً كبيراً في المعرفة وان كانت بصفة اقل عن المجتمعات المتخلفة , ولكن مانلاحظة ان علوم السحر لاتخرج عن سياق الثقافة الشعبية  لهذا المجتمع او ذاك , فكيف تكون علوم السحر لها علاقة بالجن او بالارواح او بالعوالم الخفية التي تؤمن يقيناً كما ورد في القران الكريم ان الجن يملك سرعات هائلة , فمن الطبيعي من يملك هذه السرعات الهائلة يتسع عالمه ولا يكون محصور في بيئة صغيرة يستنسخ حتى لغتها ولهجتها وثقافتها المحلية

في السحر الشرقي ستجد الطلاسم والعقد والبخور وبعض انواع الاشجار جزء من اللبنة الاساسية لمباديء العلم كطريقة لستخير الجان وفي السحر الغربي ستجد  الاتصال بأرواح الموتى او التخاطر والتواصل العقلي الوسيلة للدخول لعالم السحر والتعاون مع ارواح الموتى وفي السحر الافريقي ستجد ارواح الحيوانات ونقش التماثيل الخشيبة مدخلا للتواصل مع الاوراح ومدخلا لعلوم السحر

ويرافق هذه المباديء بعض الوصفات المكملة لها فستجد في السحر الشرقي استخدام آيات قرانية لإضافتها الى العقد والطلاسم وفي السحر الغربي تلاوات وتعاويذ من الكتاب المقدس لديهم , مع تحريف لبعض النصوص وفي السحر الافريقي رقصات واغاني واهازيج خاصة بالطقوس السحرية , وكلها لاتخرج عن اطار الثقافة الشعبية المحلية وغالباً ماترتبط بماهو مقدس لهذا المجتمع سواءاً اكان دينياً كالكتب المقدسة او كان شيئاً اخر مثل بعض التماثيل والحيوانات وانواع من الاحجار الكريمة كما هو في افريقيا

ايضاً ستلاحظ في علوم السحر المدونة كالموجودة في السحر الشرقي  إنها كتب مليئة بالاشياء التي ليس لها معنى وبالاسماء التي ليست الا من نسج خيال كتٌاب هذه الكتب  كسمش المعارف الكبرى وماكان على نهجها فكل مؤلف لهذه العلوم ينطلق بخيالة ليضع له خلطة معينة من الطلاسم والعقد والرموز والاشارات  واسماء للجن والشياطين والخدام وايضا الوصفات الخاصة بتفريق الاحباب والازواج او اذاء الاخرين وأضافة بعض المقادير الخاصة كالشعر وجلود الحيوانات والكتابة بالدماء والنجاسات وغيرها من الاشياء التي ينسجها المؤلف من خيالة ليضع القاريء في جو يجعلة يشعر انه اقتحم عالما مخيفاً مرعباً وهذا مالانجدة في كتب السحر الغربية التي دونة من القرن الثامن عشر ومابعد , فالثقافة الغربية تأثرت بعصر النهضة وعصر التنوير فأخذت العلوم السحرية شكالاً مخالفاً للعلوم الكلاسكية للسحر الغربي , اما في افريقيا فالسحر ليس مدوناً وانما موروث  شعبي يتوارث عبر الاجيال فأغلب الطقوس لديهم  طقوس شعبية متوارثه على شكل رقصات واهازيج وتصل في بعض المناطق الى تقديم القرابين وحرق الجثث .. الخ

أحد الباحثين الفرنسيين ويدعى ادمون دوتي ان لم تخوني الذاكره , درس السحر في المغرب الشقيق وخلص في نهاية البحث الذي قضى فيه اكثر من عشرين سنة الى ان السحرليس  إلا نوع من التعبير عن حاجات المجتمع ووسيلة من وسائل الدفاع والبقاء , فمثلا المجتمع الذي يجتاحه وباء يقضي على افراده , لايجدوا وسيلة للدفاع الا اختراع الطقوس كبديل لضيق المعرفة وجهلاُ بطبيعة المشكلة التي حلٌت بهم , وعندما ينقضي هذا الوباء سيعتقدون ان هذه الطقوس سبباً في ذالك فتصبح قناعة لدى هذا المجتمع بفاعلية تلك الطقوس , والحال لايختلف عن تلك المجتمعات التي تواجة ظروف صعبة تتخذ من الطقوس وسيلة للدفاع عن نفسها ومع مرور الزمن  وتعاقب الاجيال يصبح لديهم اقتناع راسخ بفاعليتها وصحتها

يذكر ان في الهند كان هناك رجل اراد الهجرة من القرية التي يسكن فيها بحثاً عن الرزق , وكان يملك ارضاً يخشى اذا طال به الزمان بعيداً عن قريته , يخشى ان يستوطن فيها السكان وتضيع حقوق ملكيته للارض , فقام هذا الرجل بنسج الحكايات والاساطير المرعبة حول المنطقة التي يملك ارضه فيها وكان فيها بعض المنازل  التي يملكها والده المتوفى , فأصبحت منطقة مشهور كشهرة مثلث برمودا ومافيه من العجائب والغرائب  , هذه  القصة في القرن السابع عشر , هاجر هذا الرجل وطال به الزمان وقدر لله له الوفاة وبقيت ارضة لم يسكن فيها احد , وعلى مدار المائة عام التالية  توسعت القرية وكثر سكانها والقاطنين بها وامتد البنيان حولها واصحبت ارضة ومنزلة كالثعلبة في رأس كثيف الشعر !! ظلت على هيئتها وحالها وحيكت حولها من القصص والاساطير مايملاء الكتب والمجلدات إلى ان حطت رحال احدى القوافل القادمة مروراً بتلك القرية في هذه البقعة الغير مؤهوله واستغرب الناس من بقاء هذه القافلة اياماً حتى رحلت دون ادنى مشكلة !! فنكسرت بذالك هيبة الاسطورة وتشجع البعض للاقامة فيها والبناء واصبحت بعد ذالك عامرة بالمنازل والقاطنين

هذه القصة تنطبق علينا اذا نظرنا الى مجتمعنا ونظرتة الى السحر وعلومة هناك حاجز نفسي وهمي خلقه هذا  العلم الزائف  فأغلب هذه الكتب اصحابها من الناقمين على مجتمعهم وبسبب ضعف الحيلة والرغبة في الانتقام يبتكر طلاسم وهرطقات من نسج الخيال الغرض منها الاذاء بالاخرين كرد اعتبار لضعفه الشخصي او ضعف جماعته لكي يصبح زعيماً بينهم اعادة لهم كرامتهم  , او يكون المجتمع الذي يعيش فيه يواجهه مشاكل فشل في ايجاد الحلول لها فيظهر من يطلق عنان خياله لينسج هرطقات يريد من خلالها كسب المجد والشهره بين افراد جماعته بصفته المخلص والمنقذ لهم

منذ الستينات الميلادية وحتى اليوم هناك اكثر من عشرين مؤسسة علمية تمنج جوائز مالية تصل الى مبلغ مليون دولار ومنها مؤسسة جميس راندي ومؤسسة علمية تابعه لناسا لكل شخص يثبت انه يمتلك قدرة خارقة للطبيعة كالسحر وغيره ولايشترطون على الشخص المتقدم اي اختبارات معينه بل هو يقدم مايدعي انه قدرة خارقة او سحر !! ومنذ ذالك الوقت والى الان لم ينجح شخص واحد بتجاوز المرحلة الاولى , واتساءل اين هؤلاء الذين يدعون السحر عن هذه الاموال بأمكانهم حصد ملاين الدولارات ان كانو فعلا يملكون سحرا حقيقاً , في الحقيقة لايملك الا الوهم ,, استطيع ان اعطيك كتاب ابلة نظيرة للطبخ واقول لك هذا الكتاب اعظم كتب السحر ولا استغرب لو اتيتني صباحاً تشكو من الكوابيس والاحلام المزعجة وسماع اصوات غريبة لانك على استعداد نفسي لتقبل هذه الامور وقرأت كتاباً تعتقد انه مدخلا لعوالم خفيه ورعب مخيف , سيكون للإحاء النفسي دور في ذالك اما اذا كنت ممن كسر عنه حاجز الرهبه والخوف فسوف تضحك كثيرا عندما تقرأ هذه الهرطقات وسوف تتبول على افواه اعتى السحرة وانت مرتاح البال ولو اجتمعوا من كل حدب وصوب لن يضروك بشيء ولو كان مثقال حبة خردل ,,

ختاما اقول التقيف سوف يساهم في حل مشاكل كثير من الناس الذين يضيعون اوقاتهم واموالهم عند المعالجين والمشعوذين بحثاً عن العلاج اعتقاداً منهم انهم مصابون بالسحر , كسر حاجز الرهبه والخوف هو الحل الناجع , مشكلتهم الحقيقة في انفسهم وليس بسبب غيرهم , الرهبه والخوق صنعت لهم عالماً سوداويا افقدهم الامان والراحة والطمأنينة  وللاسف الكثير ممن يحسبون على رجال الدين فعلوا مثل مافعل صحابنا الهندي الذي ذكرنا قصتة.  فهم يساهمون في زيادة الرهبة ويجعلون من كل عرض او مرض شكلاً من السحر حتى يصبح الانسان يصارع وهماً كمصارعتة للثيران  , وهماً صنعة الجهل وضيق المعرفة ولم يصنعه العلم وسعة الادراك

& عند النقل ارجو ذكر المصدر ,, والله الموفق



 

0 التعليقات:

إرسال تعليق